لطالما كان لبنان بلداً للحريّات. حرّية الرأّي، التّعبير، السياسة، الدين. لطالما كان تصنيفه بحسب التّصنيف العالمي لحرية الصحافة من الأفضل على صعيد البلاد العربيّة.ولكن ومع دخول لبنان عهد الرّئيس ميشال عون، تراجعنا، انهار الوضع، وأصبحت حرّيتنا مقيّدة. ففي عام 2022، تراجع لبنان 23 مرتبة حسب مؤشّر حرّية الصحافة، وحلّ بالمرتبة ال 130 من أصل 180 دولة، بعدما أن كان يحتل العام الماضي المرتبة 107.
ثورة 17 تشرين 2019
انطلقت شرارة ثورة 17 تشرين الأوّل في لبنان عام 2019، انتفض الّلبنانيون على سياسات فاسدة، أرادوا التّغيير، والاطاحة بعهد رئيس الجمهورية الّذي أخد لبنان الى المهوار. ومن هنا بدأ القمع يشتد. كان رئيس الجمهورية يتعامل مع المحتجين والمتظاهرين بطريقة قمعية. استخدمت الشرطة أساليب الضرب والاعتداء على المتظاهرين وحتّى على الاعلام والإعلاميين . ومن هنا أصبحت أيضاً الاستدعائات بالجملة. أصبح المواطنون يلاحقوا اذا ما عبّروا عن رأيهم الّذي لا يناسب السلطة في لبنان.
تصفية رموز مناهضة للسلطة والتهديد
في عام 2021، عُثر على النّاشط السياسي لقمان سليم مقتولاً في سيّارته. لقمان وهو من الطائفة الشيعيّة، كان معروفاً بمواقفه المعارضة لحزب الله اللّبناني. هذا الحزب القريب من رئيس الجمهورية، والّذي يحمل سلاحاً بحجة مقاومة اسرائيل. ومن هنا بدأت علامات الاستفهام تُطرح بما يخص الجهة المسؤولة عن قتله. والجدير بالذّكر أن لقمان سليم كان يتعرّض الى تهديدات من أشخاص في حزب اللّه في أخر فترة.
عدا عن التّهديدات الّتي يتلقّاها معارضو السلطة والّتي كثرت في السنين الأخيرة.
اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري ورموز صحافية وفكرية:
في عام 2005 اغتيل رئيس الحكومة اللّبناني رفيق الحريري وبدأت من بعدها سلسلة اغتيالات لرموز فكرية في لبنان. عرفت يومها بسلسلة اغتيالات لرموز ال 14 أذار والّذين كانوا ضد النظام السوري، بسب مواقفهم الداعية الى استقلال لبنان والمحافظة على سيادته.
اغتيل في هذا الفترة، الرئيس رفيق الحريري، النائب باسل فليحان، الصحافي سمير قصير، الصحافي جورج حاوي، الصحافي جبران تويني، النائب بيار الجميل، النائب وليد عيدو، السياسي انطوان غانم، اللّواء وسام الحسن والسياسي محمد شطح. وجميهم ضد النظام السوري. وكانت جميع الأدلة تبرهن تورّط النظام السوري في هذه الاغتيالات. كما أن المحكمة الدّولية الخاصة بلبنان أصدرت حكمها في قضية اغتيال الرئيس الحريري تدين أعضاء في حزب الله في اغتيال الحريري.
انتخابات النيابية 2022:
وقد خاض لبنان استحقاق نيابي في شهر أيار 2022، أنتج فوز 17 نائب من رموز ثورة 17 تشرين واختراقهم المنظومة السياسية الفاسدة، ممّا أعطى أملاً لللبنانيين بالتّغيير. ولكن الانتخابات شهدت مظاهر غش وتزويير من قبل بعض رموز السلطة وأحزابهم. فقد سجلت خروقات بالجملة خصوصاً في المناطق التّابعة لأحزاب سياسّية معروفة.
اللّيبارالية في لبنان:
بالرّغم من “كوكتيل” المشاكل الّذي يغرق فيه لبنان، مازال أغلبية اللّبنانيين يتمّتعون بالرّؤية اللّيبارالية. فلبنان بلد متعدد الطّوائف والمعتقدات. مازال الشعب اللّبناني يحارب للحفاظ على هذا الطّابع مهما اشتد الحصار. لبنان بلد الثقافة، الفن، الحرية والأمل. الانتخابات اللّبنانية الّتي حدثت هي أكبر برهان أن الشّعب اللّبناني لا يريد القمع، ولا السلاح والدولة البوليسية. مازال الشعب اللّبناني متمسّكا بماضيه وب” سويسرا الشرق”، هذا اللّقب الّذي أطلق على لبنان في أيام العز.